بسم الله الرحمن الرحيم
قرأت هذه المشاركة في موقع إسلام أون لاين وقد أعجبني مضمونها ، وأحببت أن أنقله هنا، وإليكم أيها الكرام بعض ماورد فيها:
(الإخوة الكرام،
قرأت مقالاً في صحيفة الشرق الأوسط، في عددها الصادر يوم السبت 1/6/2002، وقد وجدت أنه مناسب لما تفضلتم بالحديث عنه منذ مدة في استشارتكم:
لا أستطيع أن أقول "آمين"!!
وهذا نص المقال:
خطيئة تعميم الدعاء على المسيحيين
لزين العابدين الركابي
"نشأ جدل أو ثارت ضجَّةٌ حول "التعميم في الدعاء على المسيحيِّين أجمعين" بلا تمييزٍ ولا استثناء. ولقد نشأ هذا الجدل، أو تكهرب - بوجهٍ خاص - بعد أحداث سبتمبر الكريهة. فمن تداعيات هذه الأحداث: أنَّ المسلمين شعروا بأنَّ ثمَّة حملةً فكريَّةً سياسيَّةً إعلاميَّةً غربيَّةً ضاريةً تستهدفهم جميعًا. وبدافعٍ من هذا الشعور أخذ أئمة مساجد، ودعاةٌ ووعَّاظٌ يدعون على النصارى كلِّهم بإطلاق.
وهذه قضيَّةٌ تتطلَّب بَذْل جهدٍ فكريّ منهجيّ موضوعيّ، من الناحية العلميَّة، وأمينٍ وعادل، من الناحية الأخلاقيَّة.. وهو جهدٌ مركَّبٌ من محاور ثلاثة:
أ ـ محور اجتناب العدوان في الدعاء.
ب ـ محور التفسير الصحيح للأحداث والمواقف.
ج ـ محور الاستغلال السياسي للدين.
العدوان في الدعاء:
وهل هناك عدوان في الدعاء ؟!
نعم، ولقد نصت الآية 55 من سورة الأعراف على ذلك: "ادعوا ربكم تضرعًا وخُفية إنه لا يحب المعتدين". يقول القرطبي: "يريد في الدعاء.. والاعتداء في الدعاء على وجوه منها: الجهر الكثير والصياح، ومنها: أن يدعو الإنسان في أن تكون له منـزلة نبي، أو يدعو في مُحَال، ونحو هذا من الشطط، ومنها: أن يدعو طالبًا معصية، وغير ذلك". ونضيف: أن من وجوه الاعتداء في الدعاء أن تدعو على بريء مسالم غافل لم يظلمك، ولم يفكر في ظلمك، ولم يفرح بظلمك.
ولا شك أن في النصارى أو المسيحيين كثيرين لم يتورطوا في ظلم المسلمين.. والدعاء على هؤلاء عدوان من العدوان، بل إن الدعاء عليهم ظلم بيّن .. ولم يأذن الإسلام بأن يكون مجرد الخلاف في الدين رخصة في الاعتداء على المخالف، بل حرَّم ذلك تحريمًا مطلقًا من حيث إن الظلم مُحرَّم بإطلاق.
حقًّا: إن الدعاءَ مشروع، ولكن على الظالمين، وهو دعاء مشروع حتى لغير المسلمين، فدعوة المظلوم مستجابة، وإن كان غير مسلم، ليس بينها وبين الله حجاب، وفي وسْع أئمة المساجد والدعاة والوعاظ أن يقيدوا دعاءهم أو يحصروه في الظالمين الغافلين.
أولاً: لكي يتجنبوا ظلم الأبرياء المسالمين، وثانيًا: لأن الدعاء قربى إلى الله.. والقربى لا تكون بظلم.
ويتقوَّى هذا المعنى بمفاهيم أخرى، وهي: أن من المسلمين من هو متزوج بمسيحية، فكيف يؤمِّن على دعاء يشمل زوجته ؟! وأن هناك مثقفين ومفكرين مسيحيين لهم موقف من الإسلام والمسلمين أشرف وأنبل من مواقف كثيرين يحملون أسماء إسلامية.. وأن مئات الألوف من المسيحيين في الغرب خرجوا في مظاهرات مؤيدة للمسلمين.. فكيف يصح الدعاء على هؤلاء، في سياق الإطلاق في الدعاء ؟ إن الإطلاق - هاهنا – معصية دينية، وغباوة سياسية.
وما هو أعظم من ذلك أن التعميم في الدعاء تصادمٌ مع نص قرآني ورد في سورة من أواخر سور القرآن نزولاً - وهي سورة المائدة – والنص هو: "ولتجدنَّ أقربهم مودةً للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى".. إن هذا النص مانع من التعميم والإطلاق في الدعاء.
وقد يقول قائل: إن ذلك وضع قديم قد انتهى. والرد هو:
أولاً، أن هذا القائل قد علا في الأرض، وادَّعى ما ليس له: ادعى أنه قادر على أن ينسخ القرآن الكريم بمزاعم من عنده.
ثانيًا، أن الواقع التاريخي، والواقع الراهن، يصدقان الحقيقة القرآنية، فأكثر الناس انعطافًا نحو الإسلام، وتفهمًا له، ودخولاً فيه، هم النصارى أو المسيحيون.