أثارت نتيجة الثانوية العامة التي أعلنها الدكتور يسري الجمل وزير التربية والتعليم صباح الثلاثاء الماضي، والتي جاءت منخفضةً عن العام الماضي.. حفيظة الطلاب وأولياء الأمور، وأثارت ردود أفعال غاضبة بعد شعورهم بأن الامتحانات ونتائجها جاءت بما لا يشتهون؛ حيث أعلن الكثيرون منهم رفضهم نتائجهم التي حصلوا عليها، متهمين الوزارة بأنها تتحداهم بوضع امتحاناتٍ صعبة وفوق مستوى الطالب المتوسط، ثم تصحيح سيئ لا يُراعي صعوبة الامتحانات ويحاسب الطلاب على أدق التفاصيل والإجابات.
النتيجة بلغت نسبة النجاح فيها من المرحلة الثانية هذا العام 81.4%، وانخفضت بنسبة 1.7% عن العام الماضي، وبلغت نسبة النجاح في المرحلة الأولى 69.6% مسجِّلةً انخفاضًا ملحوظًا عن العام الماضي وصلت إلى 6.3%، أكدت حقيقة ما تعرَّض له الطلاب من ظلمٍ بيِّن من واضعي الامتحانات؛ حيث أظهرت الإحصائيات انخفاض عدد الحاصلين على نسبٍ أعلى من 95% عن العام الماضي بمقدار 17 ألف طالب، وبلغ عدد الحاصلين على 95% فأكثر هذا العام 16 ألفًا و137 طالبًا مقابل 33 ألف طالب العام الماضي، كما انخفضت نسبة الحاصلين على 90% فأكثر بمقدار 10 آلاف طالبٍ عن العام الماضي، وحصل 42 ألفًا و980 طالبًا على نسبة 90% فأكثر هذا العام مقابل 52 ألف طالب العام الماضي.
(إخوان أون لاين) رصد نموذجين للطلاب: أولهما جاءت درجاتهم في المستوى المتميز مقارنةً بأقرانهم، ومع ذلك يشعرون بالمرارةِ والظلم؛ مما يؤكد أن شكوى صعوبة الامتحانات لم تكن مقتصرةً فقط على الطلاب ضعافِ المستوى كما يدَّعي المسئولون.
أما ثانيهما فهو نموذج لطلابٍ أصيبوا بصدمةٍ من درجاتهم، وأكد جميعهم أنهم عاقدون العزم على تقديم طلب بإعادة فتح أوراقهم، فإما الحصول على فرق الدرجات وإما اللجوء إلى القضاء.
الصورة غير متاحة
طالب يتحسر على ضياع مجهوده
كانت البداية مع إسلام شعراوي الطالب بالمرحلة الأولى والحاصل على 99.6 % الذي أكد ضرورة إعادة النظر في المناهج الدراسية وطرق الاختبار الخاصة بها؛ لأن الاختبارات تقوم فقط إما بقياس مستوى التحصيل من الحفظ, أو تكون عبارة عن أسئلة تعجيزية للطالب يستنتج منها أنه فاشل دراسيًّا فيصاب بالإحباط، كما حدث مع فرع التفاضل من مادة الرياضيات للصف الثاني، أو الفروع جميعها كما حدث مع الصف الثالث الثانوي.
ويقول إسلام إنه اعتمد بشكلٍ أساسي على الدروس الخصوصية وملخصات أساتذته التي تضمنت العديد من الأسئلة من الكتاب المدرسي ودليل التقويم والامتحانات السابقة، وتوقَّع أنه إذا استمر حال الامتحانات بهذا الشكل فإنه سرعان ما تتحول المدارس إلى كتاتيب؛ تقوم بالتأكد فقط من مدى حفظ الطالب للمادة دون الاعتبار لجانب الفهم العميق.
ويضيف تيموثي سامح (المرحلة الأولى وحاصل على 98%) أن هناك كارثةً حقيقةً في عملية التصحيح, مؤكدًا أنه ينوي تقديم تظلم والتماس بإعادة فتح ورقة اللغة الإنجليزية.
وأشار إلى أنه حصل على الدرجات النهائية في الرياضيات؛ المادة التي كانت محل جدل جميع الطلاب, كذلك حصل على نفس الدرجات في مادة اللغة الفرنسية.
الصورة غير متاحة
إحدى الأمهات تشكو إلى الله ما يلاقيه الطلاب
أما حسن خالد (علمي رياضة وحاصل على مجموع 99.8% في المرحلة الأولى, ومجموع 90% في المرحلة الثانية, فقد تحوَّل مصيره من طالبٍ متفوقٍ له هدف وغاية يسعى إلى الوصول إليها؛ حيث كان هدفه أن يلتحق بكلية هندسة (بترول)، إلى طالبٍ يائسٍ محبط لا يشعر بأن لديه الرغبة في دخول أية كلية؛ لأنه- على حدِّ تعبيره- "مبقتش فارقة".
والدة حسن وصفت لنا ما حدث بأنه مهزلةٌ بكل المقاييس, وأن ما حدث لشعبة الرياضيات الصف الثاني الثانوي يُعدُّ تحطيمًا لنوابغ المستقبل, وقالت إنها طالما نصحت حسن بدخول كلية الطب أو الصيدلة, ولكنه كان لديه هدف يريد تحقيقه بدخوله هندسة البترول, ولكن هيهات؛ فقد ضاعت كل الأحلام.
مأساة الرسوب
أحمد ناصر الطالب بالمرحلة الأولى حصل على 56%، وراسب في مادة الكيمياء, لم يستطع محاورتنا، ولكن والدته أصرَّت على إيصال مأساة ابنها إلى المسئولين, متوجِّهةً بالسؤال إليهم: "ماذا تريدون من أبنائنا؟!"، مشيرةً إلى أنها بذلت مجهودًا خارقًا لضمان مستقبل ابنها, وأنها كانت حريصةً على حصوله على أعلى الدرجات، وكانت ُتوفِّر له بمعدل 3 مدرسين لكل مادة يقومون بالشرح له منفردًا.
الصورة غير متاحة
طالبة في حالة ذهول بعد ضياع جهودها
وأضافت أنها كانت تنتظر ألا يضيع مجهود ابنها ولا أموالها هدرًا، ولكن- على حدِّ قولها-: "حسبنا الله ونعم الوكيل", واستطردت مؤكدةً أنها وراء وزارة التربية والتعليم حتى توافق على إعادة فتح أوراق نجلها وإعادة تقييم الدرجات.
نهال فتحي الطالبة بالمرحلة الثانية أكدت لنا أختها أنها لن تُكمل تعليمها لحصولها على مجموع 52%؛ مما يجعلها غير مؤهلة حتى لدخول الجامعات والمعاهد، مشيرةً إلى أن ما حدث مع أولياء أمور الطلاب من صدمةٍ في درجات أبنائهم يضيف نقاطًا جديدة في الرصيد السلبي للحكومة عند الشعب, متسائلةً عن طرق شرعية تسلكها لاستعادةِ حق أختها من الظلم الواقع عليها، سواءٌ على مستوى الامتحانات أو التصحيح وأخطائه.
مفاجأة الأساتذة
الصورة غير متاحة
عمليات رصد للدرجات في إحدى لجان تصحيح الثانوية العامة
الأساتذة أيضًا استنكروا خروج النتائج بهذه الصورة؛ فقد أكد إيهاب السيد مدرس أول الرياضيات أن الطلاب هذا العام قد نالوا أشد إرهاق في الامتحانات بدون سابقِ إنذار من الوزارة التي كانت دائمًا ما تعلن وتقول إن الامتحانات من كتاب المدرسة ونماذج الوزارة، ليفاجأ الطلاب بعد ذلك بأن الامتحانات مختلفة تمامًا عما يقولون وعما يزعمون.
وعن شكوى الطلاب من التصحيح أكد المدرسون أن التصحيح حاول بقدر المستطاع أن يحلَّ مشكلة الامتحانات الصعبة، وقال السيد علي: إن هناك فريقين من الأساتذة؛ كلٌّ منهما تبنَّى وجهة نظر مختلفة: الأول منهما حاول بقدر المستطاع أن ينظر إلى واقع الطلاب ويخفِّف عنهم، والفريق الثاني، وهم الأساتذة الذين أصروا على أن يكون شعارهم "حقي وحقك"؛ وهو ما جعل هذا الخلل في النتائج هذا العام.
قضايا
ويستنكر مصطفى الشطبي منسق لجنة الدفاع عن حقوق الطلاب ما حدث مع طلاب الثانوية العامة هذا العام، واصفًا إياه بالمهزلة التي كان أثرها مستمرًّا يومًا بعد يوم على الطلاب؛ بدايةً من المناهج غير المناسبة للعمل وغير المؤهلة لتعليم جامعي جاد يخرِّج متخصصين أكْفاء، مرورًا بامتحاناتٍ صعبةٍ وفوق مستوى الطلاب، ونهايةً بتصحيح سيئ ونتيجة غير معبِّرة ولا تُرضي طموح الطلاب.
ويؤكد أنه يبحث الآن في جمع توكيلاتٍ من الطلاب المتضررين لرفع دعاوى قضائية واتخاذ الإجراءات القانونية لحفظ حقوق هؤلاء الطلاب، ويسعى جاهدًا خلال الأيام القادمة إلى نشر قضاياهم عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع والمقروء؛ حتى يتعاطف معهم جموع المصريين ويتم تشكيل رأي عام موحَّد وكبير من أجل حقوق هؤلاء الطلاب الذين باعتهم الوزارة للكليات والجامعات الخاصة بعد عدم عنايتها الكاملة بقضيتهم كطلابٍ يستحقون الرعاية.
سوء تعامل
د. أحمد دياب
ويرفض الدكتور أحمد دياب عضو الكتلة البرلمانية للإخوان المسلمين وعضو لجنة التعليم بمجلس الشعب وضع العقبات أمام الطلاب عند رغبتهم في إعادة تصحيح الأوراق؛ بدايةً من ارتفاع رسوم إعادة تصحيح الورقة، والتي وصلت إلى 100 جنيه في ظل ارتفاع الأسعار، ونهايةً بالقضايا التي تظل منظورةً في المحاكم سنواتٍ طويلة، مقارنًا بإعادة تصحيح الامتحانات في الجامعات المصرية، والتي تتكلف 20 جنيهًا فقط.
معضلة
الدكتور مصطفى رجب سالم رئيس قسم المناهج وطرق التدريس بكلية التربية جامعة السويس أعرب عن استيائه وتعجبه من حصول طالبٍ على أكثر من 90% ولا يستطيع الالتحاق بالكلية التي يريدها؛ مما يجبر الحكومة على إعادة النظر في التعليم الثانوي والجامعي، متسائلاً: "ماذا يفعل الطلاب أكثر من اجتهادهم وحصولهم على درجاتٍ عالية؟!".
واستنكر خروج النتائج بهذه الصورة، خاصةً أنه كان هناك مؤتمر قومي اجتمعت فيه كل الاتجاهات قبل الامتحانات ولم يستطيعوا حل هذه الأزمة التي تؤرق الشعب المصري سنويًّا، وكأنهم يحلون معضلة ومشكلة الشرق الأوسط المعقَّدة لا قضية التعليم.
وقال د. سالم: "إذا لم ترد الحكومة والوزارة أن تسمع كلامنا وآرائنا في هذه القضية فالأفضل لنا أن نجلس في بيوتنا أو نخرج بأفكارنا إلى الخارج".
تنسيق الجامعات.. المرحلة الأولى 91.46% علمي و81.46% أدبي
طلاب الثانوية العامة: منك لله يا حكومة