أمر المستشارعبدالمجيد محمود - النائب العام - بسرعة ضبط وإحضار مرتكبي حادث عزبة ميت «الكلاف» والتي أسفرت عن مقتل أثنى عشر شخصاً وإصابة 16 آخرين في المذبحة التي شهدتها العزبة أمس الأول - الخميس - حين وقعت مجزرة بشعة بالأسلحة النارية والبيضاء، وتم إطلاق مئات الرصاصات التي حصرت أرواح 12 شخصاً غالبيتهم من الأطفال والنساء بينما أصيب 16 آخرون بينهم رضيع عمره شهر واحد، فضلاً عن إحراق منازل القرية بالكامل والمكونة من 15 منزلاً.
انتقلت العشرات من سيارات الإطفاء والأسعاف إلي موقع المجزرة وتم نقل الجثث إلي مستشفي بنها العام باستثناء جثتين فقط تم نقلهما إلي المستشفي الجامعي إحداهما لمجهول، فيما خضع المصابون للعلاج بالمستشفي الأول وبعضهم في حالة حرجة بغرفة العناية المركزة، وبإخطار النيابة انتقلت لمعاينة الجثث واستجواب المصابين وأمرت بدفن الضحايا وضبط وإحضار 12 شخصاً ممن اتهمهم المصابون بارتكاب المذبحة.
وقع الحادث في الثالثة ظهراً واستمر علي مدي 6 ساعات متواصلة حتي التاسعة من مساء نفس اليوم، دوي خلالها بكثافة أزيز الأعيرة النارية وصرخات الضحايا وعويل النساء والأطفال الذي لم يتوقف حتي هروب الجناة عبر النيل إلي قرية مواجهة لقريتهم علي الجانب الآخر بعد وصول قوات حاشدة من الأمن التي حولت العزبة إلي ثكنة عسكرية.
وأكد التحريات المبدئية وأقوال شهود العيان أن السبب الأول لوقوع المجزرة هو نشوب خلاف بين أحد أفراد عائلة «رفاعي» الذي يقيم بقرية «ميت العطار» ويدعي فتحي السيد يوسف وشهرته «البربري» وأحد أفراد عائلة «الكلاف» المقيمة بذات القرية بعد رفض الأول مرور خط مياه الشرب الرئيسي لمنازل عزبة «الكلاف».. التي تبعد عن القرية 500 متر فقط - عبر أرض الزراعية التي تبلغ مساحتها 40 فداناً وتقع العزبة بسكانها من أقارب عائلة «الكلاف» بداخلها.
تطورت المشاجرة إلي قيام أحد أفراد عائلة «الكلاف» بتصفية «البربري» بأكثر من 70 طلقة وكان ذلك في الثالثة من ظهر الخميس وما أن بلغ أقاربه وأبناء عمومته في قرية «ميت العطار» نبأ وفاته حتي سارعوا بحمل البنادق الآلية والسنج والسيوف وخرجوا إلي عزبة «الكلاف» مما دفع سكانها إلي الاختباء داخل منازلهم، لكن ذلك لم يمنع أبناء عمومة البربري من فتح النيران بعشوائية صوب المنازل وأطلقوا مئات الطلقات التي حصدت أرواح الضحايا ثم هددوا الباقين بالخروج ليلاقوا نفس المصير لكنهم أصروا علي ملازمة منازلهم فقاموا بإطلاق النيران فيها والتي أتت علي منازل القرية المكونة من 15 منزلاً بالكامل.
وأكد بعض الأهالي أن قوات الشرطة وصلت القرية في حوالي الساعة الرابعة لكن الجناة بادروهم بإطلاق النيران مما دفعهم للتراجع وانتظار انتهاء المعركة والاكتفاء بالتفرج علي المذبحة التي انتهت بعد خمس ساعات من وصول أجهزة الأمن وهروب الجناة إلي إحدي القري المواجهة لقريتهم في الجانب الأخير من النيل وزعم البعض أن تلك القرية هي قرية «مشرف» بالمنوفية.
وأشار أحد الأهالي - والذي رفض ذكر اسمه - خوفاً من مباحث أمن الدولة التي تواجدت بشكل كثيف منذ الساعات الأولي من صباح أمس وحذرتهم من الحديث لأي من وسائل الإعلام - إلي أن البربري «سبب المذبحة» من أشهر تجار السلاح والمخدرات بالمنطقة ومشهور بأنه يعمل مرشداً للشرطة مما أدي لتنامي ثروته من أنشطته غير المشروعة والتي مكنته من الاستيلاء علي أراضي القرية التي تبلغ مساحتها 40 فداناً من شخص يدعي «بدران» وهو ما تسبب لاحقاً في وقوع العديد من المشاكل والخلافات بينه وبين أبناء القرية لرغبته في الاستيلاء علي منازلهم وكان منعه توصيل خط مياه الشرب إليها إحدي وسائله لتهجيرهم وإجبارهم علي مغادرتها.
وأضاف أنه تبعاً لهذه الأسباب استدعت الأمور عقد العديد من الجلسات العرفية التي كانت آخرها في عام 2000 وانتهت بتمكينه من وضع يده علي الأراضي الزراعية ماعدا المنازل المقامة عليها، مما دفعه إلي معاودة مضايقة الأهالي ببناء منزل ضخم وسط هذه البيوت شبه بالقلعة الحصينة وحول الأرض المحيطة بالقرية من مزرعة مواش والتي تعرضت قبل أشهر إلي حريق مدمر تسبب في خسارته لأكثر من 300 ألف جنيه واتهم أهالي القرية بأنهم وراء ذلك الحريق مما ساهم في تفاقم حالة الاحتقان فيما بينهم وترقب أي فرص للثأر.
وفيما تؤكد تحريات المباحث أن «البربري» لفظ أنفاسه برصاصات أحد أفراد القرية الذين ينتمون لعائلة «كلاف» وينفي أحد الأهالي ذلك بشدة ويقول: إن البربري كان له أعداء لا تحصي أعدادهم لأنه لم يترك أي شخص إلا وتسبب له في الأذي والضرر.
فضلاً عن أن أهالي القرية مسالمون ولم يثبت أنهم بادروا بالاعتداء علي أي شخص، لكن طمع البربري هو الذي أوصله لذلك وجبروته أيضاً حيث إنه من المعروف أن له عصابة من الخارجين علي القانون يزيد عددها علي 150 شخصاً يمارسون ما يحلو لهم تحت سمع وبصر أجهزة الأمن.
وقد حولت أجهزة الأمن بالقليوبية ومباحث أمن الدولة القرية إلي ثكنة عسكرية وطوقتها بعشرات من عربات الأمن المركزي وأعداد حاشدة من جنود الأمن المركزي بينما خلت القرية من أي أثر للحياة حيث صار جميع سكانها بالكامل ما بين قتيل وجريح حتي الأطفال والنساء.
وعلي الجانب الآخر في قرية «ميت العطار» أصاب الوجود الأمني الكثيف حياة القرية بالشلل التام حيث تمركزت قوات الأمن علي جميع مداخل ومخارج القرية وتواجدت في كل شارع وكل علي ناصية وفرضت كردوناً أمنياً علي منازل العائلتين لمنع تجدد الاشتباكات بينهما وألقت القبض علي البعض منهم منعاً لاشتعال المعارك من جديد.
وأمام مستشفي بنها العام تجمع أكثر من 150 شخصاً من أهالي وأقارب الضحايا وافترشوا الأرض في فناء المستشفي وعلي سلالمها وفوق الأرصفة المحيطة بها وتعالت صرخات الرجال والأطفال ودوي نحيب النساء وعويلهن في مشهد مهيب.
وقد انتقل المستشار مجدي السنباطي - المحامي العام الأول - وفريق من النيابة العامة إلي موقع الحادث وتم التحفظ علي أكثر من 700 من فوارغ الطلقات المستخدمة في الحادث وتم الانتقال للمستشفي ومناظرة الجثث واستجواب المصابين وصرحت النيابة بدفن المتوفين، وتكليف المباحث بضبط وإحضار شخصين ممن اتهما المصابون بأنهم وراء ارتكاب الحادث.
وقد شيعت جثث الضحايا في جنازة جماعية مساء أمس - الجمعة - لمقابر العائلة بقرية ميت العطار في حضور الآلاف من أهالي القرية والقري المجاورة
الضحايا القتلي
1- دينا صلاح عفيفي - 6 سنوات
2- بسمة عصام عفيفي - 15 سنة
3- حسن عفيفي محمود - 42 سنة
4- فكرية محمد عبد المنعم - 45 سنة
5- نادر عصام عفيفي - 6 سنوات
6- سعاد كمال محمد -27 سنة
7- إسراء صلاح عفيفي - 5 سنوات
8- ناريمان عبد المعطي محمد 38 سنة
9- السيد هارون عبد الموجود - 32 سنة
10- فتحي السيد يوسف «الشهير بالبربري»
11- جثة مجهولة
المصابون
1-نهلة السيد صلاح - 38 سنة
2- زين مرسي عبد اللطيف - 22 سنة
3- أحمد صلاح عفيفي - عمره شهر واحد
4- علي موسي عبدالمعبود - 11 سنة
5- محمد فوزي - 16 سنة
6- نداء هارون عبد المعبود - 14 سنة
7- فاطمة عبد العزيز محمود - 21 سنة
بالإضافة إلي 9 آخرين لم تتحد هويتهم بعد
حضر للمستشفي جمال المهدي ـ نائب مجلس الشوري ـ عن دائرة بنها واجتمع بأهالي المصابين أمام المستشفي وكان بجانبه مجموعة من رجال المباحث قام بمنعهم من السيروراء الجنازة وانتظارهم بأماكن في المقابر.
من جريدة الدستور ليوم السبت الموافق 5\7\2008