المواطن العربي يعمل 27 دقيقة في اليوم!!
ابن عقيل كان "يعجن الأكل" كي يوفر وقت تناوله!
إذا نام الإنسان 8 ساعات يوميا فقد نام ثلث عمره!
يمر بجوار ذاك الرجل المسرع، فينظر إلى يدك يتأكد أنك ترتدي ساعة ويسألك: كم الوقت؟ فتجيبه، فيهز رأسه شاكرا وينطلق في عجاله!!كم مرة عشنا هذا الموقف؟! لكن هل هذا هو حالنا فعلا؟! الوقت أنفاسنا، نحصيها ونستفيد منها؟!
الوقت في ميزان نهضة الأمم
تناول الداعية عمرو خالد العديد من القيود التي يقابلها الشباب خلال حلقات صناع الحياة والتي تفاعل معها الشباب ونجحوا في فكها مع زيادة نسبة العزيمة والإصرار التي زرعها عمرو خالد في قلوبهم, لكنه تدارك إن الجدية والإتقان والإيجابية وغيرها من الصفات لن تحقق نجاح مشروعاته إلا مع نقطتين وهما تحديد الشباب لأهدافهم بالحياة, والحفاظ على "قيمة الوقت" لديهم والذي يعاني معظم الشباب من إهداره وقتله.
فمن خلال تجارب الحضارات السابقة والتي بنت نفسها من خلال (شبابها) في 30 عاماً مثل الصين والتي كانت تعاني في بداية القرن العشرين من الجهل والفقر والتخلف، ثم زادت الحالة سوءاً بالفيضانات والزلازل مما سبب في انهيار الصين، ثم الحرب الأهلية الطاحنة التي خاضتها في الأربعينات والتي دمرت الآلاف من شبابها, ومع دخول فترة الخمسينات قرر الشعب الصيني أن يصلح وضعه الاقتصادي والاجتماعي ثم وضعه السياسي، فبدءوا طريق الإصلاح في نفس الوقت الذي بدأت فيه كثير من بلادنا ، فكانت النتيجة أنهم في غضون 30 عاماً أصبحوا قوة عظمى في العالم, واستطاع "ماوس تونج" أن ينهض بالصين برفع شعار "لا لليأس", و هكذا سار على نفس النهج شعب ألمانيا عقب الحرب العالمية وكذلك شعب اليابان.
وقبل كل هؤلاء كانت تجربة المسلمين حيث صنع النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أروع إنجاز حضاري في 25 عاماً!! ففرق السرعة بيننا و بين الغرب كالفرق بين سيارة سريعة وأخرى بطيئة جداً, فالوقت عند الغرب مال وذهب وعمر، وعندنا نعلم أطفالنا وشبابنا كيف نقتله ونضيعه ونتخلص منه!
مشروع الأسبوع المثمر
دوامة تضييع الوقت
تقوم فكرة هذا المشروع أن يستثمر الشباب في اليوم ( 24 ساعة) أحسن استثمار، ويحولوه إلى وقت كله إنتاج و حيوية بمتابعة فعالة حتى يعتادوا على ذلك, و يقوم على أربعة بنود أساسية وهي العمل والعبادة والرياضة والاجتماعيات, الأولى للشباب والعمل ،والثانية لأرواحهم، والثالثة لأجسامهم، والرابعة لعائلاتهم, و ذلك سيراً على نهج الرسول عليه الصلاة و السلام { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }.
فبالنسبة للعمل, فقد كان المطلوب 6 ساعات (صافية) من العمل أو الدراسة بدون مقاطعة ولا تليفونات ولا games, فرجل الغرب نرى أن متوسط عمله من 6- 7 ساعات يومياً, في حين إن الرجل العربي متوسط ساعات عمله 27 دقيقة!! وهذه فعلاً وصفة ناجحة للطلاب أيام الدراسة، وللموظفين في عملهم، و لربات البيوت في أعمالهن المنزلية والقراءة وتربية الأولاد, فالرسول صلى الله عليه وسلم كان يصِل الليل بالنهار، و لهذا استطاع في 23 سنة أن يبني أمة يتغلغل الدين في أعماقها لآلاف السنين, كذلك نرى قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( متى أنام ؟ إن نمت بالليل أضعت حق ربي، و إن نمت بالنهار أضعت حق الرعية)!!
أما عن العبادة فقد كان النبي عليه السلام يحافظ على أربعة أشياء لا يتركها أبداً, قيام الليل، والذكر، والقرآن، والدعاء, و هنا فقد أدرج في المشروع قيام الليل ولو ركعتين فقط، و أثناء القيام قراءة القرآن ولو صفحة واحدة، ثم الذكر والدعاء ولو دقيقة.
فيقوم المشروع على أن يستيقظ الشباب قبل الفجر بربع ساعة، ويصلي ركعتين بالمصحف في أحب الأوقات إلى الله، و الدعاء في الوقت المستجاب، ثم يصلوا الفجر حاضراً، ثم الذكر حتى الشروق ويكونوا قد جمعوا كل المطلوب في 45 دقيقة!
ثم الرياضة والتي تم تحديدها لمدة نصف ساعة، في البيت أو في النادي، سواء للشباب أو الفتيات في مكان مغلق , فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بديناً أبداً، و سابق السيدة عائشة و هو في الستين من عمره، و سبقها و هي في الثامنة عشرة! وفي المقابل نجد شباب أمة محمد يعانون من أثر السجائر فيتعبون عند بذل أدنى مجهود.
وأخيرا الاجتماعيات والتي حدد وقتها لمدة نصف ساعة كل يوم لمقابلة الوالدين أو الأقارب، أو مجالسة الإخوة، أو زيارة الجيران، أو محادثتهم هاتفياً, وبالتأكيد هذا سيصلح من العلاقات بين الناس.
وهنا فالمشروع كله يومياً عبارة عن( 6 ساعات دراسة + 45 دقيقة عبادة + نصف ساعة رياضة + نصف ساعة اجتماعيات = أقل من 8 ساعات) !
فالاحصاءات في الوطن العربي تؤكد إن المواطن العربي يمضي 60% من يومه في مشاهدة التلفاز، و 28% في أشياء لا قيمة لها، و ينام في الثانية أو الثالثة صباحا، ويستيقظ في العاشرة.
نماذج رائعة مشرفة
عرف المسلمون قديما قيمة الوقت، فكان ابن سيناء وابن النفيس والهيثم والكندي والفاربي وآلاف غيرهم
قديماً في عصور نهضة الإسلام كان أبناؤه يعرفون جيداً قيمة الوقت, فنرى مقولة الحسن البصري: "ما من يوم يبزغ فجره إلا وملك يهبط من السماء فيقول: يا ابن آدم، أنا يوم جديد، وعلى عملك شهيد، فاغتنمني، فإنني لا أعود إلى يوم القيامة ... , و قال أيضاً" من علامات مقت الله للعبد تضيع وقته في ما لا فائدة فيه، لأنه يفوت على نفسه فرصة الجنة, و من علامات حب الله للعبد أن يجعل مشاغله أكثر من وقته, لأن الشيطان يتسلط على العبد الخالي من العمل".
كذلك قول المحاسبي: "و الله وددت لو أن الوقت يُشترى بالمال، لأشتري بأموالي أوقاتاً من الفارغين و الغافلين، أنفقها في سبيل الله"!
أما ابن عقيل الذي ألفّ ( كتاب الفنون) من 800 مجلد، كان يقول: "أنا لا آكل كما تأكلون، بل آتي بالكعك أضعه في الماء ليصير عجيناً فأبتلعه لأوفر الوقت" !!
وقول ابن مسعود : ما ندمت على شيء كندمي على يوم غربت فيه شمسه، لم يزد فيه عملي.
وعن أبو حنيفة يقول تلميذه أبو يوسف: كان أبو حنيفة يحتضر، فطلب ورقة وقلماً ليحل مسألة وقال: "لو بقي من العمر لحظة لوددت أن أفعل فيها شيئاً ينفع المسلمين أقابل به الله" !!
ومن سير الصحابة كان سعد بن معاذ الذي أسلم وعمره 30 عاماً، ومات وعمره 37 عاماً، أي عاش في الإسلام سبع سنوات، واهتز لموته عرش الرحمن، ونزل سبعون ألف ملك يشيعون جنازته, كذلك زيد بن ثابت الذي أسلم وعمره عشرة أعوام، وعلمه النبي القرآن و عمره 12 عاماً، ثم تعلم العبرية و عمره 14 عاماً،وأصبح مترجم النبي و عمره 16 عاماً، ثم أصبح ممن يكتبون الوحي بين يدي النبي و عمره 17 عاماً، ثم أصبح مسؤولاً عن المواريث و عمره 19 عاماً, ثم جمع القرآن و عمره 21 عاماً !!
كذلك مصطفى كامل الذي قاوم الإنجليز وهز إنجلترا و مات و عمره 33 عاماً, و كذلك الشيوخ مثل عمر المختار كل فترة جهاده كانت من سن 60 إلى 70 عاماً. فمن التجارب السابقة اتضح للشباب لكي يستفيدوا بوقتهم جيداً أن يكتبوا كل يوم ما ينوا أو تتمنوا تحقيقه في اليوم التالي في شكل نقاط ,وترتيبه في شكل ساعات حتى لا يهدر الوقت.
مقومات النجاح للاستفادة من الوقت
وقد خرج مشروع الأسبوع المثمر ببعض النقاط العملية التي قدمها للشباب أولها تحديد الهدف في الحياة, فلا يمكن للشباب أن يحافظوا على وقتهم إلا إذا كان لديهم هدف واضح و عظيم في الحياة، فعندها سيكونون حريصون على وقتهم، و يقسمونه إلى مراحل,لكل مرحلة زمن محدد.
وإذ جاء رمضان، الشهر الذي أنزل فيه القرآن، فإنه يجب زيادة الحرص على الوقت وقضاءه في كل مفيد، كذلك من الهام تقليل ساعات النوم, و الابتعاد عن صحبة الفارغين من الشباب, و ترك فترات الفراغ في الصيف, بل كسب الوقت في العمل التطوعي, بالإضافة لعمل جداول للمواعيد والأعمال المطلوب إنجازها, و قبل هذا كله محاسبة النفس على ما تم إنجازه خلال اليوم.
فالوقت المهدر لدى الشباب رهيب، ثماني ساعات نوم، وثماني ساعات أكل وحاجات بيولوجية, فثماني ساعات تعني ثلث العمر، يبقى ثلث و هذا هو الأسبوع المثمر, فالإنسان الناجح يعمل في الإجازة، وإن لم يجد عملاً يبحث عن عمل تطوعي يفرغ فيه نشاطه و يفيد الإسلام و يفيد نفسه خبرة و ثواباً من الله عز و جل.