اللسان مفوهًا، فباع الكثير عبر استعمال الهاتف، وساعدته خبرته في التعامل مع إنترنت في البيع، وعادت عليه صداقاته مع أقرانه من خبراء تقنية المعلومات بعروض تقديمية (Presentations) احترافية لبيع بضاعته، كما أنشأ موقعاً له على إنترنت سرعان ما أصبح متوسط زواره يومياً 30 ألف زائر، وهو باع قرابة 7 مليون دراجة عبر موقعه، وأربع أخرى عبر القنوات الأخرى! لم يرى دومينيك الفرصة المتاحة حتى أبصر المنتج على عتبات بابه، وكان حتمًا عليه استغلالها. قد يرى البعض ما حدث ضربًا من الحظ، لكن لضربة الحظ مدى زمني قصير، لذا كان على دومينيك التحرك الدائم لبيع ما لديه من مخزون. نظر دومينيك للأمر ببراءة الطفولة وسذاجة الأطفال، ولعلها كانت الطريقة الأمثل إذ جنبته القلق النفسي والضغط العصبي والمشاكل الإدارية. كان دومينيك بائعًا ماهرًا بلا شك، فهو عرف أن المنتجات المنافسة لعجلاته كانت أقل مستوى وأعلى تكلفة، وعبر عن ذلك بفصيح صحيح الكلمات، كما أن الصحافة أعجبت بالمنتج الذي يبيعه، كذلك جمهور المشترين، وهو ما ساعد البيع على أن يتحسن أكثر فأكثر. العجيب في الأمر أن افتنان دومينيك الصغير بلعبته استمر أسبوعًا واحدًا فقط، بعده ضجر منه وزهد فيه، لكنه رأى أن بإمكان كل شخص في العاصمة لندن أن يذهب إلى عمله على متن دراجة مثل هذه، وكذلك كل قائد سيارة إذ أن الاختناقات المرورية اللندنية كانت العادة وخلافها من النوادر. كل ما فعله بعدها هو نشر رؤيته هذه بين الناس. أثناء فترات راحة الغذاء اليومية في مدرسته، اعتاد دومينيك الذهاب إلى محطة قطار الأنفاق ليفربول، لتطارده الشرطة بسبب توزيعه لمنشورات دعائية بين جمهور الركاب، التي كان يلقيها بينما يمضي مُسرعًا على متن دراجته السكووتر. في أول الأمر، باع دومينيك الكثير من دراجاته للموظفين التنفيذيين على أنها أدوات لهو وتسلية، لكن فيما بعد بدأ الناس في استعمالها للوصول لأماكن عملهم. يعطينا دومينيك درسًا في تقبل رفض العملاء لشراء بضاعتنا، فهو لم يكن ليتركهم دون أن يسألهم عن طريقة إداراتهم لأعمالهم، وهم أحبوا أن يشاركوه خبراتهم، مثلما يفعل الأخ الأكبر مع إخوته. على أن دومينيك كان الرابح الأكبر، فلم يكن هناك أي إيجار يدفعه أو قروض يسددها أو مصاريف يدفعها، وكان جل ما يدفعه فواتير إنترنت وهاتفه النقال. الطريف أن مكتب دومينيك كان سرير نومه! اضطر دومينيك للبحث عن معين آخر بعدما تشبعت لندن بدراجاته، فعند بلوغه 17 سنة كون فرقة موسيقية فشلت بجدارة، بعدما كلفته الكثير. يخبرنا دومينيك أن أكبر أخطائه أن نجاحه جعله يظن نفسه قادرًا على فعل أي شيء، فهو حدد 30 هدفًا ليحققها، وذلك كان عبئاً عليه أكثر منه دافعاً ومحفزاً، وهو يعلق على ذلك بالقول بوجوب فرز الأهداف وتركيزها في مجموعة صغيرة، ووجوب قضاء الوقت الكافي في التفكير في الخطوة التالية. تعلم دومينيك هذا الدرس وهذه الحكمة بعدما خسر الكثير من ماله، وبعدما اندفع اندفاع المنتشي بالفوز، فلم يحسب خطواته التالية جيداً. يعزو دومينيك نجاحه لسبب بسيط: لقد كان لديه شيئاً يحتاجه الناس بشدة، ورغم صغر سنه النسبي (19 سنة) لكنه يعمل اليوم خبير أعمال لشركة نشر، ويعكف حالياً على كتابة قصته يتناول فيها تجربته كرجل أعمال ناشئ، ويعمل في مجال بيع المنتجات الصيدلانية، ويدير أنشطة ضخمة لخدمة العملاء عبر الهاتف. ماذا عن خطط دومينيك الحالية؟ الترشح لشغل منصب عمدة لندن في الانتخابات المقبلة، ومن بعدها الترشح لشغل منصب رئيس الوزراء، ولا عجب في ذلك، فهناك 11 مليون راكب دراجة يعرفونه جيداً، فهو من جعلهم يركبون الدراجات. الدروس المستفادة:
* كم منا وقع على مواقع كتب اسمها خطأ؟ كم منا فكر في عقد صفقات عمل مع نفحات القدر هذه؟
* نظرة الإنجليز لأفراد مجتمعهم تنم عن الاحترام والتقدير، فلو فعل طفل عربي مثل صاحبنا لنال عبارات الاستهزاء والاستهجان ولربما العقاب البدني.
* من يريد حجز نطاق باسم شركته، عليه أن يحجز جميع الطرق الممكنة لتهجأ هذا الاسم.
* النجاح مرة ليس ضماناً للنجاح في كل مرة، ولذا كل خطوة يجب حسابها بتمعن وتروي.